2024-10-25 03:00:00
التحول في السياسات الكندية تجاه الهجرة
على مدى عقود، تميزت كندا بسياستها المرحبة بالوافدين الجدد، حيث تم تصميم سياساتها الهجرية لتعزيز عدد السكان ومعالجة نقص اليد العاملة، فضلاً عن تقديم الملاذ للاجئين الفارين من النزاعات حول العالم. ومع ذلك، في الأشهر الأخيرة، أعلن رئيس الوزراء جاستن ترودو عن نية حكومته تقليص عدد القادمين الجدد بشكل ملحوظ، في ظل تزايد القلق العام بشأن الخدمات الاجتماعية التي باتت غير متاحة، وارتفاع تكاليف المعيشة، وأسعار السكن غير القابلة للتحمل.
تغيير جذري في موقف الحكومة
يُعتبر هذا التحول في السياسة الهجرية خطوة كبيرة بالنسبة للبلاد وعلى مستوى ترودو، الذي دخل الساحة السياسية في عام 2015 على منصة تدعو إلى تعزيز التعددية الثقافية كجزء أساسي من الهوية الكندية. اعتمدت حكومته على أهداف طموحة لاستقطاب المهاجرين كمحرك رئيسي للنمو الاقتصادي. لكن في ظل الانتقادات المتزايدة وتراجع نسبة التأييد العام، أقر ترودو بأن حكومته قد أخطأت في حساباتها، وأن كندا بحاجة إلى "استقرار" نموها السكاني لضمان مواكبة البنية التحتية للمتطلبات المتزايدة.
التخفيضات الجذرية في قبول المهاجرين
في خطوة غير مسبوقة، قدم ترودو ووزير الهجرة مارك ميلر خططهم لخفض عدد المقيمين الدائمين المقبولين بنسبة 21% بحلول عام 2025. تأتي هذه الخطوة بعد اتخاذ إجراءات تقشفية أخرى شملت تقليل عدد العمال المؤقتين والطلاب الدوليين. أوضح ترودو أن الكنديين "يفتخرون" بنظام الهجرة، حيث يُعتبر عاملاً هامًا في نجاح الاقتصاد وتطوير مجتمعات قوية ومتنوعة.
تداعيات الرأي العام ونتائج الاستطلاعات
تشير استطلاعات الرأي الأخيرة إلى تغير جذري في مواقف الكنديين تجاه الهجرة. وفقًا لاستطلاع أجرته معهد إنفيرونيك في سبتمبر، أظهر أن النسبة الأكبر من الكنديين توافق على وجود عدد كبير من المهاجرين للمرة الأولى منذ 25 عامًا. يتسبب القلق من ارتفاع أسعار المساكن وقلة الموارد الاقتصادية في دفع الجمهور نحو موقف أكثر تشددًا حيال الهجرة.
موجة من المقترحات السياسية
أفاد المحلل ديفيد كوليتو أن الأجواء حول الهجرة تغيرت، مما يشير إلى أن هذه القضية ستظل محورية في السياسة الفيدرالية والمحلية خلال العام المقبل. غالبًا ما يشكل المهاجرون جزءًا كبيرًا من الناخبين في كندا، مما يمنع الأحزاب السياسية الكبرى من اتخاذ موقف معادٍ للهجرة كما هو الحال في بعض البلدان الأخرى.
أسباب تحولات الرأي العام
يُعزى التغير في المواقف بشأن الهجرة في كندا إلى عدة عوامل. من أهمها الزيادة غير المسبوقة في عدد الوافدين المؤقتين، حيث زاد عدد الطلاب الدوليين بنسبة 30% من 2022 إلى 2023. بالإضافة إلى ذلك، تزايدت الشكوك حول نزاهة نظام الهجرة، ويعزى جزء من ذلك إلى أخطاء تقديرية من الحكومة الكندية.
الضغط من أزمة الإسكان
تُعد أزمة الإسكان إحدى القضايا المحورية التي تساهم في التغييرات في سياسة الهجرة. يشعر العديد من الكنديين بالقلق من أن زيادة عدد الوافدين الجدد تتسبب في تفاقم أزمة السكن، مما يؤثر سلبًا على تكاليف الإيجار وملكية المنازل. هذا الشعور يعكس حاجة أكبر للموازنة بين العدد المتزايد من المهاجرين ومتطلبات السوق السكني والكفاءة الاقتصادية.
استجابة الحكومة للأزمات
مع استمرار التوترات السياسية والاجتماعية حول الهجرة والسكن، تسعى الحكومة الكندية إلى تقديم صورة إيجابية حول قدرتها على إدارة تدفقات الهجرة بشكل فعال. تُظهر هذه الجهود أن كندا بطبيعتها تحاول التكيف مع التحديات الجديدة، لكنك بحاجة إلى وضوح أكبر حول سياسة الهجرة وكيفية تحقيق التوازن بين الترحيب بالوافدين وحماية مصالح المواطنين الحاليين.