2025-01-13 03:00:00
تعتبر الهجرة جزءًا أساسيًا من التطور الاقتصادي والاجتماعي في مختلف أنحاء العالم، حيث يلعب المهاجرون دورًا مهمًا في تعزيز النمو وتحسين مستوى المعيشة. أظهرت البيانات الصادرة عن منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD) أن عدد المهاجرين الدائمين إلى دول المنظمة في عام 2023 بلغ مستويات غير مسبوقة، مما يعكس الانتعاش الشديد في الحركات السكانية حول العالم. بينما شهدت دول مثل كندا وفرنسا زيادة كبيرة في عدد المهاجرين، فإن إيطاليا تواجه تحديات في جذب القادمين الجدد. يتطلب هذا الوضع تحليلًا دقيقًا لكيفية تأثير ريادة الأعمال المهاجرة على الاقتصاد الوطني.
الواقع الحالي للهجرة في إيطاليا
على الرغم من الانخفاض الذي شهدته إيطاليا في عدد المهاجرين الجدد بنسبة 11.6% في عام 2023، إلا أن البلاد ما زالت تحتفظ بمكانة بارزة في استقطاب المهاجرين لأغراض عائلية. يعاني سوق العمل الإيطالي من تنافسية أقل في جذب الكفاءات العالمية، ويرجع ذلك إلى عدد من العوامل، بما في ذلك الأوضاع الاقتصادية غير المستقرة والبيروقراطية المعقدة. يساهم المهاجرون الموجودون بالفعل في إيطاليا بشكل ملحوظ في العديد من القطاعات الحيوية، مثل الرعاية المنزلية والمطاعم والبناء، لكن التحديات المتعلقة باندماجهم الاقتصادي والاجتماعي تبقى قائمة.
إسهام ريادة الأعمال المهاجرة في التنمية الاقتصادية
تشير الإحصائيات إلى أن 13.7% من المهاجرين في إيطاليا هم من رواد الأعمال، وهي نسبة مشابهة لنظيرتها في دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية. ومع ذلك، تبقى فرص نجاح المهاجرين في إنشاء مشاريعهم الخاصة أقل مقارنة بالمقيمين. إذ تبرز في إيطاليا، على عكس العديد من الدول الأخرى، ضرورة تبني سياسات تشجع على العمل الحر كوسيلة للتغلب على الحواجز المتعلقة بسوق العمل. قد تكون ريادة الأعمال خيارًا لمحاولة مواجهة التحديات التي يواجهها المهاجرون في الحصول على وظائف مستقلة.
الحواجز التي يواجهها رواد الأعمال المهاجرون
تعتبر تحديات الوصول إلى العمل والموارد المالية من أبرز الحواجز التي تواجه رواد الأعمال المهاجرين. يظهر الكثير منهم رغبة في العمل كموظفين، لكن العراقيل القانونية والعملية تجعل من هذا الأمر صعبًا. على سبيل المثال، العديد من المهاجرين الذين اختاروا العمل الحر يفعلون ذلك بدافع ضرورة، وليس من منطلق الفرص. تشير الدراسات إلى أن حوالي 40% من المهاجرين في إيطاليا يفضلون العمل في إطار الوظائف التقليدية.
دور الحكومة والمبادرات المجتمعية
توقف الحكومات والمبادرات المجتمعية على تقديم الدعم اللازم لرواد الأعمال المهاجرين، حيث تفتقر إيطاليا إلى برامج دعم فعالة مقارنة بنظرائها الأوروبيين. ومن خلال البرامج التي تم تطويرها، مثل “CNA Word-Dedalo” و”Futurae”، يتم تقديم الدعم المطلوب للمهاجرين لتأسيس أعمالهم، لكن هذه البرامج غالبًا ما تواجه نقصًا في التمويل ويجب توسيع نطاقها لتحقيق نتائج فعالة.
الاستفادة من المواهب المهاجرة كفرصة للتنمية
تتوافق زيادة عدد المهاجرين مع الحاجة الملحة إلى مواهب جديدة لدعم الاقتصاد الوطني، خاصة في ظل شيخوخة السكان. ومع ذلك، فإنه من الضروري لتحويل هذا الوضع إلى فرصة حقيقية، ينبغي تغيير السياسات الهجرية الحالية لتصبح أكثر انفتاحًا وتشجيعًا. يشمل ذلك تحسين إمكانية الوصول إلى التعليم والتدريب المهني، بالإضافة إلى فتح آفاق جديدة للتصريح القانوني والعمل في أي مجال.
تحديات المستقبل وإمكانية التحسين
يظل التحدي الرئيسي في إعادة تشكيل تجربو هجرة المهاجرين إلى تجربة إيجابية تعود بالنفع على الاقتصاد والمجتمع. إدخال السياسات المناسبة التي تسهل الانخراط الفعال للمهاجرين، وترويج الثقافة اللبنانية في مجالات الأعمال يمكن أن يسهم في تعزيز الابتكار والنمو. تحتاج إيطاليا إلى فهم عميق للمزايا التي قد يجلبها المهاجرون، سواء على صعيد الاقتصاد أو التنوع الثقافي.