إيطاليا

محكمة النقض (كاسازيون) تقرر بالأغلبية أنه في قضية ديشيوتي، احتجزت إيطاليا المهاجرين بشكل غير قانوني ويجب عليها تعويض الأضرار غير المادية.

2025-03-08 03:00:00

قرار المحكمة العليا: الاحتجاز غير القانوني للمهاجرين

في سابقة قضائية مهمة، أصدرت المحكمة العليا الإيطالية، من خلال الهيئات الموحدة المدنية، قرارًا يحمل رقم R.G.N. 17687/2024 بتاريخ 6 مارس 2025، والذي يمس بشدة حقوق المهاجرين. تم قبول الطعن المقدم من المواطن الإريتري M.G.K. ضد حكم محكمة الاستئناف في روما، والذي كان قد رفض المطالبات بالتعويض عن الأضرار غير المادية نتيجة الاحتجاز غير القانوني. هذا الاحتجاز تمت ممارسته على متن سفينة “ديتشوتي” التابعة لخفر السواحل الإيطالي، خلال الفترة من 16 إلى 25 أغسطس 2018.

تفاصيل القضية: ممارسات الحكومة الإيطالية

تعكس هذه القضية الصعوبات القانونية والسياسية المحيطة بسياسة الهجرة في إيطاليا. خلال الفترة التي كان فيها M.G.K. على متن سفينة “ديتشوتي”، كان هناك جدل كبير حول سياسات الحكومة الإيطالية. في أغسطس 2018، اتخذت الحكومة قرارًا بعدم السماح بدخول المهاجرين غير الشرعيين إلى الموانئ الإيطالية، وهو ما أثار انتقادات حقوقية واسعة النطاق. كان وزير الداخلية آنذاك، ماتيو سالفيني، محط أنظار العديد من القضايا القانونية بسبب هذا القرار، الذي تم اعتباره بمثابة احتجاز غير قانوني وإخلال بالواجبات الدولية.

الأبعاد القانونية: الفروق بين السياسة والحق

في حكم المحكمة العليا، تم حسم مسألة رئيسية تتعلق بما إذا كان قرار الحكومة بعدم السماح للمهاجرين بالنزول يعتبر “تصرفًا سياسيًا” غير قابل للمراجعة القضائية. حدّدت المحكمة أن التصرفات الحكومية، بغض النظر عن الدوافع السياسية، يجب أن تتماشى مع المعايير القانونية وأن تهدف إلى حماية حقوق الأفراد. ورغم اعتراف الحكومة بأن تحديد “مكان آمن” يتطلب وقتًا، إلا أن المحكمة رأت أن ذلك لا يعني بالضرورة أن الاحتجاز كان قانونيًا.

مسؤولية الدولة عن الأضرار

أكدت المحكمة العليا أن الحكومة الإيطالية تتحمل مسؤولية الاحتجاز غير القانوني للمهاجرين الذين تم إنقاذهم. كان القرار يتعلق بتطبيق قوانين الهجرة واللجوء التي تفرض على الدول مسؤوليات تتعلق بحقوق الإنسان، بما في ذلك حق الأفراد في التأمين على حريتهم. وقد خلصت المحكمة إلى أن العوامل السياسية لا يمكن أن تعفي الدولة من مسؤوليتها عن الأضرار التي لحقت بالأفراد نتيجة الاحتجاز غير المشروع.

  المهاجرون، الأرشيف العالمي لأصواتهم

انتهاك الحقوق الأساسية: العواقب القانونية

تم التأكيد على أن الاحتجاز الذي تعرض له M.G.K. والآخرون يعتبر انتهاكًا لحقهم في الحرية، وهو ما يشكل خرقًا واضحًا للمادة 13 من الدستور الإيطالي وللمواد ذات الصلة في الاتفاقيات الأوروبية لحقوق الإنسان. أظهرت الأدلة أن هؤلاء الأفراد تعرضوا لشروط احتجاز غير إنسانية وقد أثر ذلك سلبًا على حياتهم النفسية والاجتماعية. ولا بد من الإشارة إلى أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان قد أكدت في قضايا مشابهة على ضرورة التعويض للأشخاص الذين تعرضوا للاحتجاز غير القانوني.

تعويض الأضرار: الإطار القانوني

بموجب حكم المحكمة العليا، تم التأكيد على حق M.G.K. في المطالبة بالتعويض عن الأضرار غير المادية نتيجة الاحتجاز غير القانوني. المحكمة تأخذ في الاعتبار الأثر النفسي والاجتماعي الذي يتعرض له المعتقلون أثناء فترات الاحتجاز الطويلة وغير المبررة. تم تحديد قيمة التعويض استنادًا إلى سابقة قضائية تثير القضايا المشابهة، مما يوحي بإمكانية حصولهم على تعويضات بقيمة 2500 يورو عن كل فرد.

استنتاجات المحكمة: أهمية حماية حقوق الإنسان

بشكل عام، يعكس هذا القرار أهمية فصل الجوانب السياسية عن الإجراءات الإدارية التي تؤثر على حقوق الإنسان. يتطلب التوازن بين سياسات الهجرة والالتزامات الدولية وجود آليات قانونية تحمي الأفراد من المعاملات القاسية وغير الإنسانية. إن الاحتجاز غير القانوني، بصرف النظر عن السياق السياسي، يعد انتهاكًا صارخًا للحقوق الأساسية، مما يوجب على الدولة اتخاذ خطوات قانونية للتعويض عن الأضرار التي لحقت بالأفراد نتيجة هذه السياسات.