2019-10-02 17:50:00
تغيير مسار دعم الاتحاد الأوروبي: من التنمية إلى السيطرة على الهجرة
تسعى دول الاتحاد الأوروبي إلى استباق تدفقات الهجرة المتزايدة من خلال توجيه جزء كبير من ميزانياتها لدعم السياسات المتعلق بالهجرة. يشير الاقتراح الحالي المقدم من المفوضية الأوروبية إلى زيادة تصل نسبتها إلى 300 بالمئة في ميزانية الهجرة مقارنة بالبرامج السابقة، مما يعكس تحولًا عميقًا في طريقة تعامل الاتحاد مع هذا الملف. فما هي النتائج المترتبة على هذا التحول؟
الهجرة كأداة للتنمية أم كمشكلة يجب إدارتها؟
لقد كان موضوع الهجرة دائمًا جزءًا من الوضع الإنساني الطبيعي، ويحق لأي فرد أن يغادر بلاده والعودة إليها. تُظهر الأدلة أن المهاجرين يُساهمون بشكل فعّال في اقتصادات البلدان التي يصلون إليها، وكذلك في بلدانهم الأم من خلال تحويل الأموال وتبادل المهارات. ومع ذلك، فإن الإعلام وصانعي السياسات غالبًا ما يتجاهلون الفوائد الإيجابية للهجرة، وترتبط الهجرة بشكل متزايد بضوابط الحدود وعمليات مكافحة الجريمة.
التركيز الجديد على الهجرة ضمن الميزانية الأوروبية
في الميزانية الجديدة للاتحاد الأوروبي، أصبح للهجرة فصل منفصل، لكن المفاجئ هو أن الهجرة ستؤثر على جميع أقسام الميزانية بما في ذلك تلك المتعلقة بتعزيز الشراكات مع دول الجوار وتنمية التعاون الدولي. يُعتبر هذا بمثابة تناقض حاد؛ فالميزانية تُعطي الأولوية لقضايا الهجرة على حساب الأولويات الكلاسيكية مثل محاربة الفقر.
الهجرة وأزمة الميزانية: تداعيات على المساعدات الإنسانية
يتسم محتوى الميزانية بغياب نظرة شاملة لمكافحة الفقر وحقوق الإنسان، مما يثير مخاوف بشأن احتمال توجيه المساعدات إلى البلدان التي تكون مسارات الهجرة فيها، بدلاً من التركيز على الفئات الأكثر احتياجًا. كل هذا يأتي في سياق الشروط المرتبطة بالمساعدات، حيث تُشترط بعض الدول على تلقي المساعدات للتعاون في السيطرة على الهجرة أو استعادة المهاجرين.
ما معنى إدارة الهجرة؟
ترى المفوضية ضرورة تخصيص 10 بالمئة من الميزانية لدعم ما يُعرف بإدارة الهجرة، وهي خطوة مثيرة للقلق نظرًا لأن العديد من المشاريع التي تمولها الهجرة لا تسهم في تحسين الظروف المعيشية وتكامُل المجتمعات. إن بعض هذه المشاريع، مثل صندوق الطوارئ في إفريقيا، تسعى إلى تقوية أنظمة السيطرة الحدودية، مما يؤدي في كثير من الأحيان إلى تفاقم الأوضاع بدلاً من تحسينها.
نقص منظور حقوق الإنسان في التعامل مع المهاجرين
تتعدد أسباب هجرة الأفراد، سواء كانت طوعية أو قسرية. ومع ذلك، فإن تعزيز حقوق الإنسان والحد من الفقر يجب أن يكون جزءًا أساسيًا من أي حملة تهدف للتعامل مع الهجرة. لابد من مراعاة احتياجات الأشخاص الذين يواجهون ظروفا صعبة في بلدانهم الأصلية، وذلك لتفادي اللجوء إلى طرق هجرة خطرة.
موقف السويد في سياق الميزانية القادمة
تجري حاليًا محادثات بين الدول الأعضاء حول تفاصيل ميزانية المساعدات المستقبلية. هناك ضغوط من بعض الدول لتوجيه المساعدات بناءً على مصالح الهجرة، مما يهدد بإضعاف القيم الأساسية التي بُني عليها نظام المساعدات. يجب على السويد أن تتبنى موقفًا قويًا يضمن أن تكون السياسات الخاصة بتمويل الهجرة مبنية على حقوق الإنسان وتهدف إلى حماية الأشخاص في حالات اللجوء.
من الواضح أن هذه النقاشات حول الميزانية تحتاج إلى رؤية أوسع تراعي فقر وحقوق الإنسان، بدلاً من مقاربة تقتصر فقط على التحكم في الهجرة. يجب أن تركز الخطط المستقبلية على الاحتياجات الحقيقية للبلدان والمجتمعات التي تعاني من الأزمات، مما يستدعي إعادة التفكير في كيفية توجيه الدعم للمحتاجين بشكل فعّال.