فرنسا

الهجرة: الأرقام التي تدحض «الغمر الهجري»

2025-02-09 03:00:00

فهم واقع الهجرة في فرنسا

تشغل قضية الهجرة مكانة بارزة في النقاشات السياسية والاجتماعية في فرنسا، حيث تتردد عبارة “الاستنزاف الهجري” في الأوساط العامة. في هذا السياق، يستند البعض إلى مشاعر عامة دون الرجوع إلى المعطيات الإحصائية الموضوعية. تشير الدراسات الأخيرة، ولا سيما تلك التي قام بها يوروستات، إلى وجود فجوة كبيرة بين التصورات العامة حول عدد المهاجرين في فرنسا والواقع الفعلي.

تفاصيل الأرقام والإحصائيات

تظهر الأرقام أن نسبة المهاجرين في فرنسا تبلغ حوالي 10.7% من إجمالي السكان. لكن عند تخصيص هذه النسبة، يتبين أن 8.2% فقط من السكان هم من الأجانب، حيث تضم هذه الفئة أولئك الذين يحملون الجنسية الفرنسية بعد الهجرة.

إضافة إلى ذلك، يُظهر التقرير أن 3.5% من المهاجرين هم من الدول الأوروبية، بينما تشكل الفئة الأخرى من المهاجرين غير الأوروبيين نسبة 6% فقط من إجمالي سكان فرنسا. هذه الأرقام تدحر حجج “الاستبدال الكبير” التي يتبناها بعض اليمين المتطرف وتظهر أنه لا يوجد مبرر للخوف المبالغ فيه من الهجرة.

مقارنة بالدول الأخرى

عند إجراء مقارنة بين فرنسا والدول الأخرى، يتضح أن فرنسا ليست من بين أكثر الدول استقبالًا للمهاجرين. على سبيل المثال، تمثل نسبة الأجانب في الولايات المتحدة 15% وفي السويد 16%. هذا يعني أن فرنسا تقع في المرتبة الأدنى في ما يتعلق بالهجرة، مما يتعارض مع الصورة التي يروجها البعض.

الهجرة الشرعية والإدارة السياسية

وفقًا للبيانات التي نشرها وزارة الداخلية الفرنسية، تم إصدار 326,954 تصريح إقامة جديد في عام 2023، وهو رقم يبقى ثابتًا مقارنة بالسنوات السابقة. أكثر من ثلث هؤلاء المهاجرين هم طلاب، حيث من المتوقع أن يعود معظمهم إلى بلدانهم بعد انتهاء دراستهم. بالتوازي مع ذلك، فإن عدد اللاجئين الذين تم استضافتهم لأسباب إنسانية يبلغ 60,000، بينما تشكل الهجرة العائلية أحد المصادر الأخرى.

  المهاجرون في سان ديني، 1870-1930

أسطورة المهاجرين غير الشرعيين

ردًا على الإحصائيات الدقيقة، يميل البعض إلى الحديث عن أزمة كبيرة تتعلق بالمهاجرين غير الشرعيين. إلا أن العدد الفعلي لتلك الفئة غير معروف بدقة، ولكن التقديرات تشير إلى حوالي 700,000 شخص. هذا الرقم يبقى أقل بكثير من الأعداد المعلنة من قبل دول أخرى مثل إسبانيا.

كما يجب الإشارة إلى أن العدد الإجمالي للوافدين غير الشرعيين إلى أوروبا في عام 2023 لم يتجاوز 355,000، وهو ما يمثل فقط 0.07% من سكان القارة. من الواضح أن النداءات المتعلقة بـ “الاستنزاف الهجري” لا تستند إلى الحقائق.

مواجهة الخطاب المتطرف

تعتبر مواجهة الخطابات المتطرفة التي تروج للرهاب من الهجرة أمرًا بالغ الأهمية. إن التصدي للأفكار المبنية على الخوف والكراهية يتطلب تقديم حقائق وإحصائيات دقيقة تُظهر وجهًا آخر للواقع. من الضروري أن يستمر الحوار الهادف والمفيد الذي ينقل الحقائق ويبرز التنوع والغنى الذي تضيفه الهجرة إلى المجتمع الفرنسي.