إسبانيا

مليون تصريح عمل وترحيلات: 38 عامًا من السياسات في مواجهة تحدي الهجرة غير الشرعية | إسبانيا

2024-09-07 03:00:00

الهجرة غير النظامية في إسبانيا: تاريخ طويل من السياسات والتحديات

تعد إسبانيا واحدة من الوجهات الرئيسية للمهاجرين الذين يسعون إلى الحياة الأفضل في أوروبا، وتظهر الإحصائيات أن الأرقام المرتبطة بالهجرة غير النظامية شهدت زيادة ملحوظة خلال السنوات القليلة الماضية. فحتى نهاية أغسطس، وصلت أعداد المهاجرين إلى الأراضي الإسبانية، وخصوصاً جزر الكناري، إلى مستويات تذكرنا بأيام أزمة الهجرة في عام 2006، والتي حملت معها العديد من الأزمات الإنسانية والسياسية.

التغيرات السياسية في الخطاب الهجري

يشهد الخطاب السياسي في إسبانيا حالياً تحولًا كبيرًا مقارنة بما كان عليه في الألفينيات، حيث كانت الحكومة تحت قيادة خوسيه ماريا أزنار تشجع الهجرة وتمنح تصاريح العمل لمئات الآلاف من المهاجرين. في تلك الفترة، كانت اللغة الإسبانية تُعتبر أداة للاندماج وإيجاد فرص العمل. ومع ذلك، تخيم اليوم أجواء من التوتر السياسي، حيث تثار قضايا مثل الهجرة غير النظامية وكأنها مصدر للقلق الاجتماعي. إذا كانت هناك مقترحات تهدف إلى تقديم تسهيلات للمهاجرين، فإنها غالبًا ما تُقابل بالتشكيك من الأحزاب اليمينية، مما يزيد من تعقيد الوضع القائم.

نظرة على المشهد الحالي للضغط الهجري

في الثلاثين عاماً الماضية، ظهرت أنماط متكررة من الهجرة، واستجابت الحكومات المختلفة، سواء كانت من حزب الشعب أو الحزب الاشتراكي، بطرق تتفاوت بين الاستيعاب والاستبعاد. وعلى الرغم من اختلاف الخطابات الحالية، فإن الاستجابات السابقة تشير إلى أن جهود تنظيم الهجرة كانت أكثر اتساقًا مما هو معترف به حاليًا. إن الأرقام المتعلقة بعمليات الطرد تكشف عن أن الحكومة الاشتراكية كانت الأكثر قسوة في فترات معينة، حيث نفذت أكبر عدد من عمليات الطرد بين 2005 و2011، وهي فترة تم خلالها الطرد بشكل ملموس لأكثر من 74,000 شخص.

  أكثر من 47,000 مهاجر يصلون إلى إسبانيا في عام 2024

قصة الأذى والمشقة

عندما تتحدث الحكومة عن منح تصاريح عمل، فإن الكثير من هؤلاء المستفيدين هم من المهاجرين الذين يعيشون في البقاء على حافة القانون، دون حقوق أساسية. وتتضمن هذه الشريحة الكبيرة من المجتمع مهاجرين يعملون في وظائف غير رسمية، مثل رعاية المسنين أو الأعمال الزراعية، لكنهم يواجهون صعوبة في إثبات دخلهم أو الحصول على الحقوق القانونية. تشير التقديرات إلى أن حوالي 425,000 شخص يعيشون تحت هذه الظروف غير القانونية، حيث لا يمثل أولئك الذين يصلون عبر قوارب موتى إلا جزءًا ضئيلًا من المهاجرين الحقيقين.

انعكاسات محاولات التنظيم الهجري

الحكومة الإسبانية قد تواجه حالياً أزمات تتعلق بموضوع المهاجرين، حيث تم تأجيل العديد من الاقتراحات التشريعية المتعلقة بالهجرة بسبب الضغوط السياسية. على الرغم من البداية القوية للاقتراحات، لم تعد هناك آمال كبيرة في المضي قدمًا في تنظيم الأمر. تم تسجيل تسع عمليات تنظيم هجرية استثنائية بين عامي 1986 و2005، حيث تم منح أكثر من مليون شخص تصاريح رسمية.

القضايا المتعلقة بالأساليب التقليدية للطرد

تسعى العديد من الأحزاب اليمينية إلى تعزيز سياسات الطرد، مشيرة إلى ضرورة تحقيق "طرد جماعي" للمقيمين بشكل غير قانوني. ومع ذلك، يظهر التاريخ أن الحكومة الاشتراكية كانت فاعلة جداً في هذا الجانب، حيث قامت بأعلى عدد من الطرد في فترة حكمها. إن القيود المفروضة على عدد من القوانين المتعلقة بالترحيل تعكس واقع عدم القدرة على تطبيقها الفعال، إذ يتطلب الأمر تأشيرات من الدول الأصلية لاعادة مواطنيها.

العلاقات الدولية وتأثيرها على الهجرة

قد ثبت أن العلاقات الدولية القائمة تمثل عنصراً حاسماً في معالجة قضية الهجرة. على مر السنين، قامت الحكومات الإسبانية بجهود كبيرة لإبرام اتفاقيات مع الدول الأفريقية لضمان إعادة المهاجرين بشكل قانوني وآمن. هذه الاتفاقيات لا تهدف فقط إلى تقليل الضغط الهجري على الحدود الإسبانية، بل إنها تسعى أيضاً إلى تعزيز التعاون الاقتصادي مع البلدان المصدر.

  الهجرة تصبح إحدى القضايا الرئيسية في إسبانيا بعد البطالة والصحة، وفقًا لإيبسوس

التعقيدات البيروقراطية أمام تنظيم الهجرة

في الوقت الذي تعزز فيه الحكومة الأنظمة القانونية القائمة لتقنين وضع المهاجرين، تظل الطريق نحو الحصول على تصريح قانوني مليئاً بالعقبات. عمليات الانتظار تتطلب سنوات من الصبر، ولا تعكس الإنجازات الحالية التحسن الكافي في النظام.

تستمر القضايا المتعلقة بالهجرة في تشكيل تحديات كبيرة للحياة السياسية في إسبانيا، حيث يبقى التعامل مع قضايا المهاجرين نقطة انقسام واضحة في النقاش العام.